سياسة الطاقة في دولة المجر والغاز الطبيعي في دائرة الضوء

التحديات العالمية:

أصبحت قضايا تأمين الطاقة وتغير المناخ من أبرز تحديات القرن الواحد والعشرين، ولذلك فإن سياسة الطاقة المجرية تعكس هذه التحديات. ولعل أفضل طريقة لتجنب الأزمات هى تنويع الإمدادات وعلي نطاق واسع كلما كان ذلك ممكناً. وتملك تدابير الإمدادات في حالات الطواريء القدرة على التخفيف من الازمات في المدى القصير، لكن علاج مشكلات المدي البعيد لا يمكن أن يوفره سوى الإستثمار في الإنتاج والتحويل وتوفير البنية الأساسية للنقل.

إن التصميم الدقيق للسوق والحوافز السليمة في أسواق حرة هما الأدوات القوية لجذب إستثمارات كافية وتعزيز تأمين الإمدادات. وبعدما أصبح تنويع الإمدادات شعاراً لسياسة الطاقة المجرية بهدف تأمين وكفاية الطاقةن فقد تولدت الحاجة لتنويع تركيبة الوقود المستخدم وكذلك مصادر الطاقة الاولية وطرق الإستيراد.

سياسة الطاقة المجرية:

تفى طاقة الإنتاج المحلي (من النفط والغاز والطاقة النووية والفحم منخفض السعرات الحرارية والليجنيت) بما يقرب من نصف إحتياجات الطاقة في المجر. أما ما تبقى من إحتياجاتها من الطاقة فتتكفل بها واردات النفط. وبعدما بلغ الإنتاج المحلى من النفط ذروته، فإنه بالتالى عندما تبدأ نسبة إستهلاكه فى الزيادة، ترتفع فى المقابل نسبة الإعتماد على واردات النفط.

         إمدادات الطاقة الأولية في المجر (1990-2010)

                     (مليون طن نفط معادل)

نوع الوقود

1990

2000

2005

2010

الفحم

6.12

4.01

4.63

5.38

البترول

8.52

7.16

7.52

7.75

الغاز الطبيعي

8.90

10.06

10.23

10.32

الطاقة النووية

3.58

3.65

3.65

3.65

الهيدروليكية

0.02

0.02

0.02

0.05

أخري*

0.37

0.99

1.03

1.08

الإجمالي

28.46

26.09

27.28

28.40

     * وتشمل المصادر المتجددة (عدا الهيدروليكية) والطاقة من النفايات

       المصدر: بيانات الوكالة الدولية للطاقة ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية

وتتضمن إستراتيجية الطاقة المجرية للفترة 2008-2020 والتي وافق عليها البرلمان في أبريل 2008 ثلاثة أركان رئيسية هي: تأمين الإمدادات والقدرة التنافسية والإستدامة.

تأمين الإمدادات

تعتمد المجر علي واردات الطاقة بنسبة 70%، ولذلك يعتبر تأمين الإمدادات أحد أهم ركائز إستراتيجية الطاقة المجرية الجديدة، وذلك بالنحو التالي:

–          الأولوية الرئيسية: تنويع مصادر الغاز الطبيعي ومسارات العبور، من خلال خطوط نابوكو، والخط الجنوبي، وخط الأنابيب الجديد من محطة الغاز الطبيعي المسال في كرواتيا.

–          إستراتيجية تخزين الغاز الطبيعي في خزانات تحت سطح الأرض. وبموجب القانون يتوفر 1.2 مليار متر مكعب من الإحتياطي الإستراتيجي للغاز بداية من هذا العام.

–          طرق وروابط جديدة مع الدول المجاورة: سلوفاكيا ورومانيا وكرواتيا وسلوفينيا.

يلعب قطاع الغاز الطبيعي دوراً مطلقاً وبارزاً في إمدادات الطاقة في المجر، حيث يشكل 47 في المائة في إجمالي إمدادات الطاقة الأولية ومازالت النسبة في تزايد. وهذه الحصة للغاز الطبيعي تعتبر واحدة من أعلى الحصص في منظمة التعاون والتنمية أو في الإتحاد الأوروبي. كما وأن نسبة الإعتماد على الإستيراد قد تصل إلى حوالي 80 ٪،  وفي الوقت نفسه تمتلك المجر شركاء تجاريين آخرين، فكل مثقال ذرة من الواردات تأتي من روسيا. وفي هذه الحالة فإن تنويع المصادر وطرق العبور هما مهمة أساسية للحكومة.

ولأن المجر دولة غير ساحلية، فهي تمتلك بعض الإمكانيات والخيارات المحدودة لتأمين الطاقة، وهي تتمثل في مشروع نابوكو المعروف ومشروع الخط الجنوبي. والخيار الثالث هو محطة للغاز الطبيعي المسال على ساحل البحر الإدرياتي.

الإعتماد على الاستيراد فى المجر:

تمتلك المجر أكثر بقليل من 100 مليون برميل من الإحتياطيات النفطية المؤكدة. ولأن إنتاجها يقل عن 50 ألف برميل نفط يومياً، فهي لذلك تعتمد إعتمادا كبيراً على واردات النفط التي يأتى معظمها من روسيا. وتجري شركة النفط المجرية (مول) جميع الأنشطة المتعلقة بصناعة الهيدروكربونات.

وتنتج مصافي شركة مول حوالي 88.500 برميل نفط مكافئ يومياً، وتقوم بتشغيل أكثر من 760 محطة بنزين في جمهورية التشيك والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وأوكرانيا. وتشمل الأنشطة الأخرى نقل وتخزين وبيع الغاز الطبيعي والمنتجات ذات الصلة بالجملة وكذلك عمليات الإستكشاف والإنتاج في المجر وروسيا ومناطق وسط وشرق أوروبا.

وداخل المجر بعيداً عن شركة مول، تشارك عدة شركات أجنبية في التنقيب عن المواد الهيدروكربونية بما في ذلك شركة المجر الساحلية المحدودة وبلو ستار وموبيل ايردجاز والباسو.

ويتنبأ أحدث تقرير عن النفط والغاز فى المجر من قبل مؤسسة بزنس مونيتور إنترناشيونال بأن إستهلاك المجر من النفط قد تراجع من 151 ألف برميل يومياً عام 2005 ويتوقع أن يصل إلى 163 ألفاً بحلول عام 2010. وبالنسبة للإنتاج المحلي الذى تمسك بزمامه إلى حد كبير شركة مول الحكومية السابقة، فليس من المتوقع أن يتعافى من الإنخفاض الذي أصابه مؤخراً، فى ظل إنزلاق مطرد أدى إلى إرتفاع حجم الواردات ( حوالي 136 ألف برميل يومياً بحلول عام 2010). ومن المتوقع أن يزداد الطلب على الغاز إلى حوالي 15.5 مليار متر مكعب عام 2010 مما يعني أن يصل صافي واردات الغاز إلى 13.1 مليار متر مكعب بحلول ذلك العام. وكانت الحكومة قد أكدت مشاركتها في مشروع خط أنابيب الغاز الجنوبي الذي تقدر تكلفته بنحو 10 مليار دولار أمريكي وينتظر تشغيله عام 2013.

قضايا السوق:

تمشيا مع توجيهات الإتحاد الأوروبي في هذا الشأن، قدّمت المجر بدءا من 1 يوليو عام 2009 نموذجا جديدا لسوق الغاز الطبيعي. لقد ألغت  المجر النموذج السابق للأسواق المزدوجة (أسوق المرافق العامة، والسوق التنافسية)، وليس لديها الآن سوى سوق تنافسية موحدة، وليس هناك المزيد من التدخلات السعرية في هذه السوق. جدير بالذكر أن إفتتاح سوق الغاز الطبيعي الشامل قد بدأ مع بداية يوليو 2009.

الإستدامة:
– خطة كفاءة إستخدام الطاقة التي وافقت عليها الحكومة.

– إستراتيجية الطاقة المتجددة التي وافقت عليها الحكومة.

– إعداد قانون جديد لتغيرات المناخ والذى بدأه المجلس الوطني للتنمية المستدامة برئاسة رئيس البرلمان المجرى.

– خطة الإستثمار المتوافق مع البيئة بالتعاون مع وزارات البيئة والمياه.

إن تخفيض كثافة الكربون هو مطلب وشرط ضرورى لنجاح جهود المجر ضد ظاهرة الإحتباس الحراري. ويتفق ذلك مع شياسة المجر في زيادة الإعتماد علي الطاقة النووية.

وبطبيعة الحال وبالتوازي مع الجهود الأخرى، تود المجر أن تصبح أكثر كفاءة في إستخدام الطاقة، وأن تحد من إستهلاك الطاقة وأن تزيد من إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة. وتستهدف المجر الحصول علي 13٪ من إحتياجاتها من الطاقة من المصادر المتجددة بحلول عام 2020 (مقارنة بالنسبة الحالية البالغة 4.7 ٪) وذلك سعياً منها للحد من إنبعاثات الغازات الدفيئة. وللوفاء بهذا الهدف البالغ الطموح، فإن الإستثمارات المتعددة ونقل التكنولوجيا هما أمران ضروريان في المجر.

 

موقف الغاز الطبيعي

تعتمد المجر إعتمادا بالغاً على إستيراد الغاز الطبيعي الذي يغطي الإنتاج المحلي منه فقط نحو 20 ٪ فقط من الإستهلاك. ويعتبر الطريق الرئيسي لإستيراد الغاز هو الخط القادم من روسيا عبر أوكرانيا، وبخلاف ذلك فهناك إمكانية إستيراد الغاز من النمسا، ولهذا تولي المجر أهمية فائقة لمشروع خط غاز نابوكو.

ولدي دولة المجر أحد أفضل التدابير لتخزين النفط في حالات الطوارئ. وقد أظهرت نتائج النزاع علي سعر الغاز بين روسيا وأوكرانيا في يناير 2006 أهمية تأمين الإمدادات بالنسبة للمجر، فتحركت الحكومة المجرية بسرعة لإنشاء مخزون إستراتيجي من الغاز. وتمتلك المجر الآن مخزوناً تجارياً تحت الأرض يبلغ حوالي 4.4 مليار متر مكعب. وعلاوة علي ذلك، ووبما يتمشي مع قانون تخزين الغاز الطبيعي الجديد، ينبغى أن تمتلك المجر 1.2 مليار متر مكعب من الإحتياطي الإستراتيجي. هذه القدرة تكفي لإمداد 20 مليون متر مكعب يوميا لمدة 45 يوما.

وبسبب الإعتماد على مصدر واحد تهتم المجر بالتنويع، ولهذا السبب تؤيد مشروع خط أنابيب نابوكو ومشروع خط الأنابيب الجنوبي، وهناك أيضا الخط المستقبلي المرتبط بمحطة الغاز الطبيعي المسال في البحر الأدرياتي. كما تلعب المجر أيضا دوراً بارزاً وفعالاً في الترابط الإقليمي وفقاً لخطة الإتحاد الأوروبي للإنتعاش الإقتصادي، وبوصفها دولة أساسية للعبور. إن الخطوة الأولى الممكنة هى الربط بين نظم الغاز الكرواتية والصربية والبوسنية والرومانية في إطار نظام النقل الأوروبي الحديث(NETS). وفى ظل هذا التعاون الإقليمي ستنخفض نسبة تعرض المنطقة للصدمات بشكل حاد، خاصة وقد تمت الموافقة على التنويع، ومع وجود التنسيق في هذا التنظيم، في ظل تعزيز المنافسة.

 

العلاقة مع الشرق الأوسط :

يمتلك الشرق الأوسط ومنطقة الخليج أسواقا غنية، مع فائض كبير في رأس المال والذي هو ليس ببعيد عن متناول الدول الاوروبية، وأيضاً الشركات العاملة في المجر. ويتسع نطاق العلاقات الاقتصادية الجارية بإطراد مع هذه المناطق التي تلعب دوراً هاماً فى الحفاظ على الميزان التجاري للمجر، بالإضافة إلى المساهمة في إمدادات الطاقة على المدى الطويل.

ويبلغ إجمالى صادرات المجر إلى منطقة الشرق الاوسط حوالي 1.4 مليار دولار أمريكى بالمقارنة بالواردات التى تصل إلى أقل بقليل من 50 مليون دولار. ولقد تم إطلاق إستثمارات مجرية رئيسية في المنطقة، من بينها تلك التي توسطت فيها شركة النفط المجرية مول.