العلاقات المصرية الكويتية علاقات تاريخية راسخة ومتنامية بين البلدين برغم ظروف الربيع العربي في المنطقة

في مناسبات الأعياد الوطنية لدولة الكويت والتي تقام في أواخر شهر فبراير من كل عام، دأبت المجلة علي إعداد ملف شامل عن دولة الكويت، يتصدره حوار مع سعادة سفير دولة الكويت بجمهورية مصر العربية، للوقوف منه علي الجديد في الشئون العربية والدولية، وعلاقات التعاون بين مصر والكويت.

وحوارنا في هذا العدد من المجلة مع الدكتور رشيد الحمد سفير دولة الكويت بالقاهرة، وهو أحد السفراء العرب المتميزين. وقد تلقي الدكتور الحمد تعليمه الجامعي في الإسكندرية قبل أن يستكمل رحلته العلمية الطويلة في بريطانيا ليحصل منها علي الدكتوراه في تطوير التوجيه الفني والعلوم عام 1989. وقد عمل الدكتور الحمد سنوات في قطاع التعليم بالكويت وشغل منصب وزير التربية ووزير التعليم العالي في دولة الكويت خلال الفترة 2004-2006.

وللدكتور الحمد سجل حافل في عضوية المؤسسات التعليمية والجمعيات المهنية واللجان والمجالس التربوية والتعليمية في منطقة الخليج، وكان له دور بارز في بناء مناهج العلوم وتطوير المناهج بها. وفضلاً عن مؤلفاته التربوية العديدة، فهو محاضر ومشارك أساسي في المحافل والمؤتمرات الدولية.

إستمر عمله سفيراً للكويت في مصر سنوات عديدة، وهو الأمر الذي خدم مصلحة البلدين بشكل كبير،  لما لشخصه من قدرات أعانته على تسيير دفة العلاقات بين البلدين فى خضم ما تشهده مصر من ظروف إستثنائية خاصة بعد ثورة يناير 2011. وهو يعتبر أن مصر إمتداد لوطنه الكويت، ويقصده الكثيرون في مصر لحل مشكلاتهم، ولذلك أصبح يتمتع بحب وإحترام كل من تعاملوا معه أو عرفوه، وهو لذلك لا يشعر بالغربة بين المصريين.

 

ومن المقر الجديد للسفارة الكويتية علي الضفة الغربية لنهر النيل بالقاهرة أجرت المجلة الحوار التالي مع سعادته:

 

س: من معايشتكم للظروف الحياتية في مصر، كيف ترون أحوال مصر في مرحلة ما بعد الثورة؟

بداية نهنيء الشعب المصرى بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير، التي ثمثل إرادة تغيير قام بها الشعب المصرى ونجح فى أن يغير نظام الحكم والذى يعتبر إنجازاً كبير فى ظل هذه الظروف، وإن شاء الله يستكمل قريباً مؤسساته الدستورية والبرلمانية لتعود مصر لسابق عهدها.

وفي مصر الكثير من المواطنين الكويتين وبعضهم طلاب ويتجاوز عددهم 18 ألف طالب في مراحل الجامعة والدراسات العليا، ونتابع شئونهم وشئون القادمين سواء من مستثمرين وسائحين ومن ناس مقيمين هنا، والجميع في مصر يشعر بالأمان برغم الظروف المعيشية الصعبة، ولكن نحن نتابعهم والكل مستمر والحياة عادية والحمد لله.

نتمنى إنشاء الله أن تتجاوز مصر هذه المرحلة، وأن يعود لها الوضع الأمنى والإقتصادى، وأن تساند الدول العربية الشقيقة مصر فى هذه الظروف، وقد بدأت بعض الدول بالفعل في تقديم الدعم لمصر.

س: ما هي مجالات التعاون بين مصر والكويت ؟ وكيف تأثرت بعد الثورة؟

مجالات التعاون بفضل الله مستمرة برغم ظروف ما بعد الثورة، لكن ربما يكون قد توقف دخول المستثمرين الجدد إلى مصر، وهذا أمر طبيعى فى ظل هذه الظروف. لكن ما كان موجوداً من إستثمارات مستمر كما هو ولم يتأثر. فالتعاون مستمر ولم ينقطع فى إمداد الكويت بالخبرات والكفاءات المصرية في مجالات التعليم العام والجامعى والمستشاريين والقانونيين والمحاسبين وكذلك العمالة الماهرة.

س: بالنسبة للإستثمارات الكويتية فى مصر، هل تأثرت بالإضرابات الأخيرة والحالة الأمنية؟ وما هي توقعاتكم خلال المرحلة المقبلة؟

لا شك أن لكل ثورة عراقيل تنتج عن عملية التغيير وهذا أمر طبيعى، لكننا نعول على صبر الشعب المصرى في مثل هذه الظروف الإقتصادية الدقيقة التي ألقت بظلالها على جوانب كثيرة ومنها قطاعات الإستثمار والسياحة. وأتوقع إنشاء الله أن يعود الهدوء والإستقرار لمصر، وأن تعود الحالة الأمنية لأفضل حالاتها لينشط الإستثمار والسياحة والإقتصاد بوجه عام.

س: إستقبلت مصر مؤخراً وزير المالية الكويتي للقاهرة ومعه رئيس الصندوق الكويتي للتنمية. ماذا تمثله هذه الزيارة بالنسبة للتعاون بين البلدين في مجالات التجارة والإستثمار؟

الصندوق الكويتى للتنمية مستمر فى أداء واجبه مع مصر حتي بعد قيام الثورة. وقد تم التوقيع مؤخراً علي أربعة إتفاقيات فى بعض المجالات الحياتية مثل الغاز والكهرباء والزراعة والسكك الحديدية، ويبلغ قيمة كل مشروع منها حوالي 100 مليون دولار. وقد إجتمع مؤخراً وفد الصندوق مع السلطات المصرية لبحث سبل دعم المجالات الأربعة المذكورة، فالصندوق مستمر فى أداء واجبه حسب ما تتطلبه السلطات المصرية.

س: ماذا عن أوجه التعاون بين مصر والكويت في مجالات البترول والغاز؟ وهل هي بإتجاه الزيادة؟

يعمل في مصر شركات بترولية كويتية مثل الشركة الكويتية للإستكشافات البترولية الخارجية (كوفبيك) وشركة (كويت إنيرجي). والشركتان مستمرتان فى إداء عملهما ويطمحان للحصول على إمتيازات جديدة فى مناطق أخرى داخل مصر، وهو ما يجري دراسته مع الجهات المسئولة فى قطاع النفط بمصر. كما أن الكويت تمد مصر بإحتياجتها المطلوبة من الوقود للسوق المحلى.

س: عقدت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) إجتماعها الوزاري في القاهرة مؤخراً، وحضره معالي وزير النفط الكويتي المهندس هاني حسين. هل تسفر هذه الإجتماعات عن رؤية عربية مشتركة لقضايا النفط والغاز؟ وكيف؟

 

من حضوري لهذا الإجتماع فهو إجتماع سنوى دورى، ويناقش فيه الإنجازات خلال المرحلة السابقة. وقد إستعرض الإجتماع إنجازات المؤسسات التابعة للمنظمة، وطرحت بعض القضايا والتي لا تتعلق بأسعار النفط  لأن منظمة أوبك هى المنظمة المعنية بذلك. كما تداول وزراء البترول العرب المشروعات البترولية المشتركة بينهم، وتحدثوا عن إنشاء مركز بحوث الدراسات النفطية مؤكدين على أهميته. كما طرحت الجوائز السنوية لأوابك، وكان بين الفائزين هذه السنة شخصيات من من جمهورية مصر العربية.

س: تخضع العمالة المصرية في الخليج لظروف الطلب والعرض والبدائل، كيف ترون الطلب علي العمالة المصرية في الكويت في الفترة الأخيرة؟

الواقع أن الطلب على العمالة المصرية في الكويت لم يتغير، وأعداد تأشيرات دخول الكويت لم تتأثر تقريباً. ففي الكويت حالياً نهضة عمرانية كبيرة، والعمالة المصرية عمالة جيدة وماهرة فى عملها وتتمتع بسلوكيات مريحة وبعيدة عن المشاكل، وهذا بحد ذاته يكفل إستمرار الطلب عليها.

س: لمصر دور عربي محوري في المنطقة، برأيكم هل تغير هذا الدور بفعل المستجدات في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً بعد خطوات التقارب بين مصر وإيران؟

مصر تعمل دائما فى إطار عروبى ومعروف، ودائماً مصر تحتضن القضايا العربية. حتى لو حصل أى تقارب مع إيران فهذه سياسية لكن مؤكد، وكما تقول تصريحات المسئوليين المصريين، أن هذا التقارب لن يكون على حساب الدول العربية الأخرى فى منطقة الخليج. فمصر سياستها لم تتغير، وكان لمصر دور القيادة فى الدول العربية، فمصر قوية والدول العربية تقوى بمصر.

س: كيف تري مستقبل مصر في ظل ما تمرّ به الآن؟

الظروف تحتاج لكثير من الصبر والحكمة ليصل الشعب المصرى لمرحلة الإستقرار والعودة للحياة الطبيعية. ونعول علي حرص الشعب المصرى على بلده ليبلغ برّ الأمان، ولكن ذلك سيستغرق بعض الوقت. وأنا أرى مستقبل مصر مستقبل طيب إنشاء الله، وكل ما تمرّ به مصر من صعاب حالياً سوف تستفيد منه خبرة فى مستقبل الأيام.

 

وفي ختام اللقاء، تتقدم أسرة مجلة عالم النفط والغاز، والعاملين بمركز الشرق الأوسط لمعلومات الطاقة، إلي سعادة الدكتور رشيد حمد الحمد سفير دولة الكويت بجمهورية مصر العربية، وجميع أعضاء السفارة، بخالص الشكر علي تسهيل إجراء هذا الحوار، وإمداد المجلة بالبيانات والمعلومات المساعدة.