ناتالي مارتن بيا ماردينيان تحاور السيد فيليب جايز المدير الإداري العام لشركة توتال قطر للإستكشاف والإنتاج

ناتالي ماردينيان: تتواجد شركة توتال في قطر منذ عام 1936، وهي رائدة للعديد من الأنشطة في قطاع الطاقة هناك، ومنذ ذلك الحين لم تترك توتال قطر. هل هكذا تبدأ التنمية المستدامة لتوتال، مع الالتزام طويل الأجل؟

 فيليب جايز: شكراً لك على التذكير بهذه الحقيقة التاريخية، والفخر بأن شركة توتال لم تترك قطر منذ عام 1936. كانت “الشركة الفرنسية للبترول” في ذلك الوقت شريك في شركة نفط العراق التي جاءت إلى قطر للقيام بأول حفر في حقل دخان. في الواقع، عندما نتحدث عن الإستدامة، فهذا المثال جيد إذ أن حقل دخان لا يزال ينتج 300 ألف برميل يومياً. ونحن هنا في قطر، كما هو الحال في أي دولة أخرى ندعم تطوير الموارد الطبيعية في البلاد للحفاظ على البلد واقتصاديات الشركات طويلة الأجل والمصالح المستدامة.

ناتالي ماردينيان: أخبرنا عن نشاطاتكم في قطر والشراكات التي قمتم بتطويرها من خلال المشاركة في التنقيب والمصافي وصناعة البتروكيماويات، باعتباركم تملكون قدرة حقيقية على تبادل المنفعة والرواد في كثير من الأحيان في قطر.

فيليب جايز: لقد كانت توتال حاضرة في جميع فروع المجموعة، مما يعني أنها لم تكن فقط موجودة في مجال الاستكشاف والإنتاج ولكن أيضا في قطاعات البتروكيماويات والتكرير وكذلك في تسويق زيوت التشحيم في البلاد. نحن نعتبر فعليا أول من شارك في مجمع للبتروكيماويات، فمنذ عام 1975 ونحن شريك مع الحكومة القطرية في شركة (قابكو) الذي سوف تنتج قريبا 720 ألف طن سنوياً من البولي اثيلين بعد زيادة إجمالي طاقة المصنع الإنتاجية بمقدار ثلاث مرات بشكل ثابت على مدار السنين. وفي الآونة الأخيرة طوّرت توتال أيضا مجمع آخر للبتروكيماويات (قاتوفين) الذي ينتج 450 ألف طن سنوياً من البولي إثيلين منخفض الكثافة لإعطاء قطر بعداً عالميا للبتروكيماويات في العالم. وتعتبر توتال أيضا أول شركة أجنبية منذ سنوات عديدة قامت باكتشاف وتطوير حقل نفطي جديد في عام 1991 (حقل الخليج). وفي وقت لاحق من عام 1996 أصبحت توتال مجدداً الشريك الأول والرئيسي لشركة قطر للبترول في تطوير أول محطة تسييل للغاز الطبيعي – وهي قطر جاز 1 – التي تنتج الآن ما يقرب من 10 آلاف طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال.

 ومع مشروع دولفين أصبحت توتال مجددا رائدة في تطوير أول مشروع يتيح غاز الأنابيب لثلاثة من دول مجلس التعاون الخليجي. ويتيح هذا المشروع تصدير الغاز إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.  إن الغاز القادم من قطر يتم توجيهه من خلال خط أنابيب يبلغ طوله 360 كم عبر مياه الخليج لتغذية محطة كهرباء تعمل بالغاز بمنطقة الطويلة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومع مشاركتنا في مصفاة راس لفان للمكثفات التي يبلغ إنتاجها 146 ألف برميل يومياً يمكن للمرء أن يدرك بسهولة لماذا نقول أن توتال حاضرة خلال السلسلة الكاملة لقطاع الطاقة. ويشير الجانب الرائد لمعظم مشاريعنا بوضوح إلى رغبتنا في التطوير والعمل من أجل الإستفادة طويلة المدى والتنمية المستدامة في البلاد.

 ناتالي ماردينيان: كيف تصفون تطور قطاع الطاقة في قطر؟

 فيليب جايز: إن تطور قطاع الطاقة يرتبط إرتباطا قويا بالنمو العالمي في الطلب على مصادر الطاقة وتقدم تكنولوجيا تسييل الغاز. فمع هذه التكنولوجيا، لم نعد بحاجة إلى الأنابيب الضخمة التي تغذي الأسواق كما يفعل الجانب الأوروبي من روسيا. فهنا نقوم بتسييل الغاز، فتمتليء السفن التي تذهب بعد ذلك إلى أي مكان في العالم. يسمح هذا لقطر بالتمتع بمرونة الإنتاج والمبيعات، ويعظم قيمة الموارد الطبيعية في قطر. السبب الثاني وراء تطور الطاقة يتعلق بحقيقة أنه على الرغم من أن الغاز وقود حفري، فهو واحدا من أنظف مصادر الطاقة. حدث التغير الحقيقي منذ كان للقطريين، في أواخر التسعينات وأوائل القرن الجديد، تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، هذه الرؤية للطلب العالمي على الطاقة وأنهم سيكونوا قادرين على تلبية ذلك الطلب جزئيا بالغاز الخاص بهم. وبناء على ذلك، إتخذوا مخاطر محسوبة وشرعوا في تطوير تلك المشاريع الضخمة للغاز التي أدت بهم في نهاية 2010 إلى إحداث علامة فارقة وهي رفع الطاقة الإنتاجية بمقدار 77 مليون طن سنوياً.

 ناتالي  ماردينيان: التنمية المستدامة تعني أيضا دفع البحث والابتكار وأدت المشاريع الضخمة في قطر بالشركات وفرقها البحثية إلى أن تصل إلى ما هو أبعد مما كانوا يعلمون. أخبرنا ماذا قدم تطوير قطاع الطاقة في قطر إلى توتال؟

فيليب جايز: من الواضح أن حجم الاحتياطيات التي ترتبط بحقل الشمال (ثالث لكبر حقل على مستوى العالم) كان حافزاً قويا لتصميم وحدات الغاز الطبيعي المسال على نطاق لم يسبق له مثيل. بلغت سعة أكبر الوحدات في ذلك الوقت من 3.5 حتي 4 مليون طن، وبغية تحسين وترشيد هذه العملية، ظهرت فكرة وجود وحدات تبلغ سعتها ما يقرب من 8 مليون طن. في الواقع إنها ليست مجرد مسألة مضاعفة عدد الوحدات، فالأمر استغرق تصميما هندسيا كاملا وتصور ناقلات أكبر، الخ… فتوتال بمكانتها القوية وخبرتها في مجال تسييل الغاز – فنحن نحتل المركز الثاني في تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم – كما شاركنا في تطوير وتنفيذ تلك الحلول. فمن ضمن هذه المشاريع تأسيس وحدات للغاز الطبيعي المسال في العالم، فكان هناك حاجة إلى أكثر من خمسين إبتكارا تكنولوجيا، والتي كانت تطبق على الفور على أي مجال للتنمية يستخدم نفس العملية والأدوات.

  ناتالي ماردينيان: في ديسمبر عام 2010 إحتفلت شركة قطر للبترول بحدث هام وهو طاقتها الإنتاجية التي بلغت 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، ولكن أكّد الوزير أيضا أنه لن يكون هناك أي مشاريع جديدة في الوقت الراهن. إذن ماذا يثير اهتمام شركات النفط العالمية الآن في قطر… البتروكيماويات؟ وما هي شروط الشراكة التي تتيح لشركات النفط العالمية مواصلة الاستثمار في قطر؟

  فيليب جايز: من الأرجح أن تكون الأنشطة اللاحقة للإنتاج مثل المصافي و/ أو البتروكيماويات فضلا عن أنشطة الاستكشاف هي الأنشطة المستقبلية قصيرة الأجل في قطر.

 وسوف تشارك أي شركة أو أعمال دولية في مشاريع جديدة حال استشراف أية مصلحة اقتصادية.. ومن هنا، لو لم يكن هناك سبب اقتصادي للتطوير والاستثمار والمجازفة في مشروع بسبب  شدة صرامة الشروط ، فلن يكون هناك مجال للاستثمار. أعتقد أن الحكومة الرشيدة التي تشعر بالقلق إزاء مستقبل بلدها، سوف توفر الظروف من أجل الحفاظ على مصالح مثيرة لإهتمام الشركات الدولية بدرجة كافية للعمل والاستثمار معها.

إن الإلتزامات التي نتخذها مع البلدان في أكثر الأحيان وخاصة تلك الإلتزامات طويلة الأجل تجبرنا على أن يكون لدينا دائما هذه الرؤية الحكيمة والاقتصادية للاستفادة طويلة الأمد من استثماراتنا وبلدنا المضيفة. وأعتقد أن قطر في هذه الدينامية، وأن توتال مثل غيرها من الشركات سوف تواصل دائما الاستثمار هنا.

توتال في قطر

تعتبر شركة توتال أكبر شركة في فرنسا ورابع أكبر شركة نفط وغاز على مستوى العالم، ولهذه الشركة حضور قوي في قطر لمدة سبعين عاما.

 واليوم تمتلك توتال المصالح الأكثر تنوعا في قطر ونراها نشطة في جميع مراحل صناعة الطاقة، بدءا من العمليات السابقة للإنتاج (التنقيب وإنتاج النفط والغاز) حتى العمليات اللاحقة للإنتاج (التكرير والتسويق). تعتبر توتال أيضا لاعبا رئيسيا في صناعة البتروكيماويات وكذلك المواد الكيميائية الوسيطة والمتخصصة.

وتدير توتال حقل الخليج النفطي البري المكتشف عام 1991، حيث تستخدم المجموعة تقنيات مبتكرة للغاية لتحسين معدل الاسترداد من خزان معقد للغاية.

 كما تعتبر توتال أحد الشركاء المؤسسين لشركة قطر للغاز1، وهو أول مشروع للغاز الطبيعي المسال تم تطويره في قطر. بدأت شركة قطر للغاز 1 عملياتها عام 1996 وتبلغ طاقتها الإنتاجية الحالية 10 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال. وتملك توتال أسهما بمقدار 20 ٪ في الجزء الخاص بالعمليات السابقة للإنتاج في المشروع وأسهما بمقدار 10٪ في مصنع التسييل.

وفي عام 2006، توسّعت توتال في مشاركتها في صناعة الغاز الطبيعي المسال في قطر مع امتلاك أسهما بمقدار  16.7 ٪ في الوحدة رقم 5 التابعة لشركة قطر غاز 2. كما وقّعت توتال أيضا اتفاقات شراء ومبيعات لشراء ما يصل إلى 5.2 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال من شركة قطر غاز 2 لفترة تصل إلى 25 عاما لتتجه لأربع جهات هي فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والمكسيك.

 وبالإضافة إلى ذلك، فإن توتال هي واحدة من الشركاء المؤسسين لمشروع دولفين، أكبر مشروع للغاز الطبيعي تم تطويره بين دولتين في منطقة الخليج. في عام 2001 وبالإشتراك مع شركة مبادلة للتنمية في أبو ظبي، أصبحت توتال طرفا في اتفاقية تقاسم الإنتاج مع شركة قطر للبترول لبيع 2 مليار قدم مكعب يوميا من حقل غاز الشمال لدولة الإمارات العربية المتحدة. تملك توتال أسهما بمقدار 24.5٪ في مشروع دولفين الذي ينطوي على إنتاج ومعالجة الغاز الطبيعي من حقل الشمال القطري ونقل الغاز عن طريق خط أنابيب تحت سطح البحر يبلغ طوله 370 كيلومترا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ليتم تسليمه للعملاء. بدء إنتاج الغاز من مشروع دولفين في يوليو 2007 وتبلغ خدمات التوصيل ملياري قدم مكعب يوميا منذ عام 2008 عندما أصبحت المرافق جاهزة للعمل بشكل كامل.